📌 ملحوظة: أثناء كتابة وتحرير الموضوع، منذ أمس الثلاثاء، انقطعت الكهرباء 6 مرات حتى نشر هذا البوست، اليوم الأربعاء.
📌 بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الماضية، انتشرت شكاوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي من تكرار انقطاع الكهرباء في أماكن مختلفة على مستوى الجمهورية. أصبح هاشتاجي #قاطع_النور و #حوار_النور، اللذين يُغرد عبرهما مستخدمي تويتر للتعبير عن شكواهم من قطع الكهرباء، أحد أكثر الوسوم رواجًا على المنصة.
◾ لم يكن ذلك الانقطاع الأول الذي يشكو منه مواطنون، إذ سبقه شكاوى من انقطاع التيار في شهريّ ديسمبر ويناير الماضيين.
◾ بعد أيام من تجاهل استفسارات المواطنين، أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء 19 يوليو 2023، أن السبب هو "تخفيف أحمال الكهرباء المرتفعة بسبب الموجة الحارة، والتي أدت إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء وبالتالي زيادة استهلاك الغاز المستخدم في إنتاجها، مما أدي إلى انخفاض ضغوط الغاز في الشبكات الموصلة لمحطات الكهرباء".
◾ هذه ليست أول مرة تُعلن فيها الحكومة عن إجراءات لتخفيض استهلاك الكهرباء، بهدف توفير الغاز الطبيعي، وذلك رغم تحقيق مصر لاكتفاء ذاتي من الغاز، وفائض إنتاج من الكهرباء.
➖ في التقرير التالي، نوضح أبعاد الأزمة وسبب اللجوء المتكرر لتخفيف الأحمال. ⬇️⬇️
⭕ فتش عن الدولار
◾ في أغسطس 2022، ومع ارتفاع أسعار الغاز عالميًا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، قررت مصر الاستفادة من إنتاجها من الغاز الطبيعي، عبر زيادة التصدير لتحصيل الدولار، في ظل ما تعانيه من أزمة اقتصادية كبيرة.
◾ في سبيل ذلك، أصدرت الحكومة عدة قرارات متتابعة:
1: ترشيد استهلاك الكهرباء في الميادين والمحلات والمولات والمؤسسات الحكومية.
2: تخفيض استخدام الغاز الطبيعي، أنظف الهيدروكربونات احتراقًا، في توليد الكهرباء، مقابل التوسع في استهلاك المازوت، أحد أسوأ أنواع الوقود وأكثرها تلويثًا للبيئة والأقل كفاءة في توليد الكهرباء.
3: في الشتاء الماضي انتقل الأمر إلى المنازل، عبر قطع الكهرباء في كل محافظة لمدة ساعة إلى ساعتين، بهدف توفير 15% من الغاز المُستخدم.
- بعد غضب المواطنين، تراجعت الحكومة عن خطة قطع الكهرباء عن المنازل لتوفير الغاز.
4: إطفاء أنوار جميع المصالح الحكومية بنسبة 100% بعد انتهاء مواعيد العمل.
5: عودة التوقيت الصيفي مجددًا بعد سنوات من إيقاف العمل به، بدعوى أن تطبيقه سينتج عنه توفير ما لا يقل عن 10 % من الطاقة المستخدمة.
❓ لماذا تنقطع الكهرباء مؤخرًا؟
◾ الموجة الحارة التي تضرب مصر منذ مطلع الأسبوع الجاري، أدت إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء إلى مستويات تاريخية، إذ وصلت الأحمال إلى 34 ألف و650 ميجاوات، ما أدى إلى ارتفاع استهلاك الغاز المُستخدم في الإنتاج.
◾ رغم الأحمال المرتفعة، كان لدى وزارة الكهرباء فائض يتخطى 9 آلاف ميجاوات، لكن الحكومة خافت أن يؤدي زيادة استهلاك الغاز محليًا، إلى تراجع صادراتها منه وبالتالي تراجع أحد أهم المصادر الدولارية، فقررت تخفيف الأحمال بالتناوب على مستوى الجمهورية، على أن يستمر هذا الإجراء إلى منتصف الأسبوع المقبل.
⭕ الغاز الطبيعي.. الدولار أهم من السوق المحلي
◾ للتغلب على مشكلة انقطاع الكهرباء التي ظهرت بصورة ملحوظة قبل 2014، لجأت الحكومة إلى استيراد شحنات غاز شهريًا لتشغيل محطات الكهرباء.
◾ وصلت تكلفة الاستيراد:
▪️ 2016/2015: 3 مليار دولار
▪️ 2017/2016: 2.5 مليار دولار
▪️ 2018/2017: 1.25 مليار دولار
◾ في 2019، حققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز، واتجهت للتصدير، عقب اكتشافها عدد من حقول الغاز الجديدة، أهمها حقل ظهر.
◾ وجاءت صادرات مصر من الغاز الطبيعي، خلال السنوات الأخيرة كالتالي:
▪️ 2019: 1.24 مليار دولار.
▪️ 2020: 3.96 مليار دولار.
▪️ 2021: 3.5 مليار دولار.
▪️ 2022: 8.5 مليار دولار.
◾ رغم ذلك لم تنخفض أسعار الكهرباء واستمرت في الزيادة، رغم توافر الغاز الطبيعي لسببين:
▪️ الأول: الحكومة تضع التصدير في أولوياتها قبل السوق المحلي، بسبب رغبتها في تحصيل الدولار.
▪️ الثاني: تبيع وزارة البترول الغاز لوزارة الكهرباء بسعره العالمي، وليس بسعر التكلفة، ما يجعل المواطنين يتحملون فرق السعر المرتفع. وزارة البترول والثروة المعدنية - مصر
◾ مع الارتفاع المتكرر لأسعار الغاز عالميًا، تزداد مكاسب وزارة البترول بالدولار عبر التصدير، وبالجنيه عبر رفع فواتير الكهرباء.
❓ فائض الكهرباء.. كيف تحمّل المواطن ثمن التطوير؟
◾ في سبيل حل أزمة الكهرباء التي واجهتها مصر قبل 2014، عملت الحكومة على:
1: إضافة 31 وحدة إنتاج طاقة كهربائية بإجمالي استثمارات 335 مليار جنيه.
2: تدعيم وتطوير الشبكة القومية لنقل الكهرباء، بإجمالي استثمارات 85 مليار جنيه.
3: تطوير سعات المحولات وإضافة 21 محطة محولات، بزيادة 340% عن 2014.
4: تدعيم وتطوير شبكات التوزيع، بإجمالي استثمارات حالية ومستقبلية منذ عام 2014، بلغت 190 مليار جنيه.
◾ أدى ذلك إلى ارتفاع إجمالي القدرات لمحطات الطاقة من 28 ألف ميجاوات عام 2014/2013 إلى نحو 59 ألف ميجاوات عام 2022/2021، وفي عام 2022 حققنا فائض استهلاك بلغ 13 ألف ميجاوات.
◾ رغم ذلك، استمرت فواتير الكهرباء في الارتفاع، لأن الحكومة، وحسب تقرير سابق للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قررت تحميل المواطن تكلفة المشروعات بإضافتها على الفاتورة كالتالي:
1: التكاليف الاستثمارية لبناء محطات وشبكات جديدة: ثُلثي قيمة الفاتورة.
2: خدمة ديون الشركة القابضة لكهرباء مصر: خُمس الفاتورة.
3: ما يدفعه المواطن مقابل خدمة الكهرباء: أقل من خُمس الفاتورة.
◾ يعني ذلك أن "المواطنين يتحملون أعباء مالية لبناء محطات أكثر من الحاجة لا يستفيدون منها"، بحسب تقرير "المبادرة".
❓ كيف ضللت الحكومة المواطنين بشأن دعم الكهرباء؟
◾ في 2020، ومع سوء الوضع الاقتصادي في ظل أزمة كورونا، قالت الحكومة إنها ستؤجل خطتها لرفع الدعم عن الكهرباء، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي.
◾ لكن الحقيقة أن الحكومة لم تتحمل تكلفة الدعم، وإنما حملّته للمواطنين أصحاب الشرائح الأعلى استهلاكًا للكهرباء، ليدفعون فواتير أعلى من الشرائح الأقل استهلاكًا.
◾ يحدث ذلك عن طريق بيع الكهرباء بأسعار أعلى من التكلفة للشرائح الأكثر استهلاكًا (1000 كيلو وات/ ساعة شهريًا) واستخدام الفارق في دعم الشرائح الأقل استهلاكًا وهو ما يسمى "الدعم التبادلي".
◾ يعني ذلك أن أصحاب الاستهلاك الأعلى هم مَن يسددون فاتورة دعم أصحاب الاستهلاك الأقل، وبالتالي لا تدعم الحكومة الكهرباء للمنازل، وهو ما يفسّر أن الموازنة العامة لا يوجد بها أي مخصصات لدعم الكهرباء.
مَا من حوار مَعك بعدَ الآن يا محمد..
— متصدقش (@matsda2sh) December 5, 2022
بمزيد من الحزن والألم، ينعى فريق عمل "متصدقش"، صديقنا، وشريكنا المؤسس، الصحفي محمد أبو الغيط.
قاوم أبو الغيط، مرض السرطان، بصبر وشجاعة نادرة، ورضا بقضاء الله حتى آخر لحظة. pic.twitter.com/9lywyhUbzK